ظ†ظ†طھط¸ط± طھط³ط¬ظٹظ„ظƒ ظ‡ظ€ظ†ظ€ط§


الإهداءات


 
العودة   منتديات ليالي قصيميه > .:: l الاقسام الاسلامية l .:: > ♫. ليالي اَلَقَرَاَنَ اَلَكَرَيَمَ وًّتَفَسَيَرَهَ ♫.
 

إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-03-2021, 05:42 PM
دلع غير متواجد حالياً
اوسمتي
1 
 
 عضويتي » 197
 جيت فيذا » Jul 2021
 آخر حضور » 10-16-2021 (12:06 AM)
مواضيعي » 240
آبدآعاتي » 337 [ + ]
تقييمآتي » 101
الاعجابات المتلقاة » 21
الشكر المتلقاة » 0
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه بحبكم
جنسي  »  الرقص
آلقسم آلمفضل  » طالبه
آلعمر  » Adobe Photoshop 7,0
الحآلة آلآجتمآعية  » 7up
 التقييم » دلع will become famous soon enoughدلع will become famous soon enough
ام ام اس ~
MMS ~
 
1 دلالات تربوية على سورة الناس









السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله


دلالات تربوية من سورة الناس
التحصين من الوسوسة الجنية والوسوسة الإنسية

نزلت سورةُ الناس على النبي محمد صلى الله عليه وسلم تأمُرُه بأن يُعلِّم أُمته كيف تكون الاستعاذة بالله تعالى من شر الشيطان الرجيم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألم تر آيات أُنزلت الليلة لم يُرَ مثلهنَّ قطُّ؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس))[1].

وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة، فقال: ((تلك مَحض الإيمان))[2].

قال النووي: قال العلماء: إن الشيطان إنما يُوسوِس لمن أيِس من إغوائه، فيُنكِّد عليه بالوسوسة، لعجزه عن إغوائه، وعلى هذا يجري معنى الحديث ((الوسوسة محض الإيمان))[3].

فأين يكمُن العلاج لهذه المشكلة؟

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطانُ أحدَكم، فيقول: مَن خلق كذا؟ مَن خلق كذا؟ حتى يقول: مَن خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعِذْ بالله ولينتهِ))[4].



قال الحافظ في الفتح: "(وليَنته)؛ أي: عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجَأُ إلى الله في دفْعه[5]، وأما الكافر، فإنه يأتيه مِن حيث شاء ولا يقتصر على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف يشاء؛ كما في قوله تعالى: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 16، 17].



قال تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ[6] وَالنَّاسِ﴾ [الناس: 1 - 6].

في قوله تعالى: (قُلْ): أمر من الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم؛ ذلك أن من أهم أبواب الدعوة إلى الله تعالى تعليمَ الناس أن الله تعالى هو وحده الذي يُستعاذ به، ولا يُستعاذ بغيره، وهو ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغ أُمته، فعنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سألت، فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعنْ بالله))[7].



قال العلماء: ويقصد بالاستعاذةِ بالله أن يُجِيرَه من عدوه، ويَعصمه من كيده وأذاه، إلى غير ذلك من الحِكَم التي تَعجِز العقول عن إدراكها[8].



فعن سليمان بن صُرَد قال: كنت جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجلان يَستبَّان، فأحدهما احمرَّ وجهُه وانتفخت أوداجُه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني لأَعلم كلمة لو قالها، ذهَب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان، ذهب عنه ما يجد))، فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوَّذ بالله من الشيطان، فقال: وهل بي جنون؟[9].



وفي قوله تعالى: (أَعُوذُ)[10] تعليمُ الناس مفهومَ التوحيد العملي والاعتقادي، فالاستعاذة بالله تعالى تكون فيما لا يَقدر عليه إلا الله تعالى[11]، ولا أحد قادرٌ على شيء غير الله، والله على كل شيء قدير، فلا يملِك الضر ولا النفع إلا الله؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: 106]، وقال سبحانه: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ [الفرقان: 55]، فالأسباب لا تضرُّ بفاعليتها، وإنما بما شاء الله أن يَدَعَ فيها من فاعلية وقدرة، ولو شاء الله لأعدَم ما لها من قدرة وفاعلية، انظر كيف فقدَتِ النارُ فاعليتها وقوتها على الإحراق حين أُلقِي فيها نبي الله إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: 68، 69]، ونقل الإمام بن عبدالوهاب عن ابن القيم قولَه: (الاستعاذة: الالتجاء والاعتصام والتحرُّز، وحقيقتها الهربُ من شيء تخافه إلى مَن يَعصمك منه، ولهذا يسمى المستعاذُ به مَعاذًا ومَلجَأً، فالعائذ بالله قد هرَب مما يؤذيه أو يُهلِكه إلى ربه ومالكه، وفر إليه، وألقى نفسه بين يديه، واعتصم به، واستجار به، والتجأ اليه، وهذا تمثيلٌ وتفهيم، وإلا فما يقوم بالقلب من الالتجاء إلى الله والاعتصام به، والانطراح بين يدي الرب، والافتقار إليه والتذلُّل بين يديه - أمرٌ لا تحيط به العبارة)[12].



قال ابن كثير: (والاستعاذة هي الالتجاء إلى الله، والالتصاق بجنابه من شرِّ كل ذي شر، والعياذة تكون لدفع الشر...، ومعنى أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم؛ أي: أستجيرُ بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرَّني في ديني أو دنياي، أو يصدَّني عن فعلِ ما أُمِرت به، أو يحثَّني على فعل ما نُهِيت عنه؛ فإن الشيطان لا يكفُّه عن الإنسان إلا الله، ولهذا أمر اللهُ تعالى بمصانعةِ شيطان الإنس ومداراته، بإسداء الجميل إليه؛ ليردَّه طبعه عمَّا هو فيه من الأذى؛ قال تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن؛ لأنه لا يقبَل رِشوةً ولا يؤثِّر فيه جميل؛ لأنه شِرِّير بالطبع، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه)[13].



وبالاستعاذة يَستيقن المسلم النصرَ على الأعداء؛ لأن الآمر بها هو الله تعالى، فلا يَضر بعدُ كيدُ الكائدين؛ يقول تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: 97 - 98]، وقال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: 200].



وعن ابن عباس قال: كنتُ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: ((يا غلام، إني أُعلِّمك كلمات، احفظ الله يحفَظْك، احفَظِ الله تجِدْه تُجاهك، إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله، واعلَمْ أن الأمة لو اجتَمَعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتَبه الله عليك، رُفِعت الأقلام وجفَّت الصحف))[14].



وفي قوله تعالى: ﴿بِرَبِّ [15] النَّاسِ[16]﴾، ما يقتضي أن الناس لهم شأن عظيم عند الله تعالى؛ لأنه سبحانه قد أضافهم إلى ذاته، فقال: (رب الناس)، وهو الذي اختصَّهم بالفضل والرزق والإنعام، وهو الذي بيدِه الشفاء من الأسقام والأوجاع، وإليه يُلتَجَأ في طلب ذلك، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي المريض، فيقول: ((اللهم رَبَّ الناسِ، مُذْهِبَ الباسِ، اشْفِ أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شِفاءً لا يُغادر سَقَمًا))[17].



وهو ما يقتضي من جهةٍ أخرى عدمَ مشروعية الاستعانة، ولا الاستغاثة لقضاء الحوائج وسد الحاجات بغير رب العالمين؛ إذ كيف يستعان بالله تعالى ثم يُلجأ لغيره؟!

فعن عبدالله قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الرُّقى والتمائم، والتِّوَلة شركٌ))، قالت - يعني امرأته -: قلتُ: لِمَ تقولُ هذا؟ والله لقد كانت عيني تَقذِف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يَرقيني، فإذا رقاني سكَنَت، فقال عبدالله: إنما ذاك عملُ الشيطان، كان يَنخُسها بيده، فإذا رقاها كفَّ عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أذهِبِ البأس ربَّ الناس، اشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا))[18].



وفي قوله تعالى: ﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾، أضافهم إلى ملكه، فقال: (ملك الناس)، فدلَّ ذلك على أنه هو المتصرف في شؤونهم، فيُوجِّههم كيف يشاء، ولذلك حكم عليهم بالموت في الدنيا ولا خلود فيها، أترى كيف يوجه الملك عبيدَه دون اعتراضٍ منهم؟!

وهذا هو الفارق بين الإسلام ودين اليهود والنصارى؛ ذلك أنهم يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه، ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: 18]، ولذلك يردُّ الله عليهم هذا الزعم بقوله سبحانه: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [المائدة: 18]؛ أي: إن كنتم كما زعمتُم أنكم أبناء الله وأحبابه، فلِمْ يُهلِكُكم بالموت؟! واستبدل لفظ العذاب بدلًا من الموت: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم﴾؛ إخبارًا بأن مصيرهم بعد الموت العذاب في القبر ثم الآخرة، وإن رأيتهم يجادلون في هذه الحقيقة - زعمًا منهم أنهم سوف يَهلِكون بالموت؛ حيث يستريحون وتَصعَد أرواحهم إلى السماء - فإنهم كاذبون في هذا الزعم؛ لأنهم يعلمون يقينًا أنهم سوف يُعذَّبون!



انظر كيف يصف القرآن حرصهم على الحياة وخوفهم من الموت؛ يقول سبحانه: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 96]، وهذه القاعدة البديهية لم يستثنِ اللهُ منها أحدًا، فالله قادرٌ على أن يُهلِك المسيح عيسى ابن مريم وأمَّه بالموت، فلم يَخلُدَا في الدنيا، وإنما جرَتْ عليهم سُنة الله تعالى في خلقه وعبيده أن يُهلِكهم بالموت، ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 17]، وإن جاز القولُ بأنه لم يَمُتْ، فإنه يجب الجزم بأنه سوف يموتُ، ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء: 157 - 159].



ويترتَّب على الإقرار لله تعالى بصفةِ الربوبية أن يُفوِّض المسلمُ أمرَه لله تعالى، يَصرفه كيف يشاء دونما اعتراض، وإنما رضًا وتسليمٌ لأمر الله تعالى وقدرِه، فالملك له الحق أن يتكبَّر في ملكه، وأنَّى للمملوك أن يتكبَّر وهو لا يملِك شيئًا؟! حتى روحه التي بين جنبَيْه يملكها خالقه ويقبضها حيث شاء، ومن لم يرضَ بقضاء الله وقدره، فحتمًا قد نازعه في ملكه، وهذا لا ينبغي للعبد في حق الله؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه: ((قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمَن نازعني واحدًا منهما، قذَفته في النار))[19].



ويترتَّب على ذلك كذلك عدمُ التصرف إلا بإذن الله، بمعنى أن كل ما يملكه الإنسان من نِعَم وأموال، لا يملكُه على وجه الحقيقة، وإنما على سبيل المجاز؛ لأن المالك الحقيقي هو الله تعالى، وإنما أُضِيف إلى الإنسان على سبيلِ المجاز، باعتبار أن الله تعالى جعله مستخلفًا عليها، ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: 165]، ومعنى الاستخلاف أن يسأل العبد عما استخلفه الله تعالى عليه، أحفِظ أم ضيَّع؟!



قال سبحانه: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾ [الإسراء: 36].

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الدنيا حُلوةٌ خَضِرة، وإن الله مُستخلِفُكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتَّقوا النساء))[20].

قال العلماء: أي: بمنزلة الخلفاء عنه في التصرف فيها؛ أي: فلا تتصرَّفوا بما لم يأذَنْ لكم به[21].

وقالوا أيضًا: يعني أن الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله، خلقها وخوَّلكم إياها، وخوَّلكم الاستمتاع فيها، وجعلكم خلفًا بالتصرف فيها، فليست هي بأموالكم حقيقة، بل أنتم فيها بمنزلة الوكلاء، فناظرٌ هل تتصرفون فيها على الوجه الذي يرضى به المستخلِف أو لا[22].



وفي قوله تعالى: ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾ أسلوب اختصاص، فقد أضاف الناس إلى صفة الإلهية؛ لأن من شأن اختصاص الله تعالى بالفضل على الناس، الاعترافَ بحقِّه في التصرف في شؤونهم، فيقدر لهم الخير والشر فتنةً، ومِن ثَم تكون النتيجةُ المنطقية لذلك هي اختصاصه تعالى وحدَه بالألوهية؛ بحيث يُعبد وحده دون سواه، فلا يسوغ بعد الإقرار بربوبيته أن يُعصى فلا يطاع، بل إن مدار الشهادة بأن لا إله إلا الله إفراد الله تعالى بالحاكمية، فهو القائل في كتابه: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]، فأضحَتِ العبادةُ بلا معنى ما لم يحتَكِم المسلم لأمر ربه، بل إن عدمَ الاحتكام إلى شرع الله تعالى يُؤدِّي إلى الكفر والظلم والفسق؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، وقوله سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45]، وقوله عز وجل: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47].



والأمر بوجوب الاحتكام إلى ما أنزل الله تعالى قطعيُّ الثبوت وقطعي الدلالة، لا مجال فيه للتأويل ولا التفسير، ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: 49]، ولا مجال فيه للمساومةِ أو التنازل عن بعض الشرع مقابل التوافق على الاحتكام إلى البعض الآخر؛ لقوله تعالى: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: 49].



والقرآن يُؤكِّد أن الله تعالى قد أنزل أحسنَ الأحكام بما يُحقِّق مصالح الناس، وأن الردةَ عن حكم الله تعالى هي عودةٌ إلى الجاهلية والتخلف والرجعية؛ يقول سبحانه: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50].



وفي قوله تعالى: ﴿رَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ﴾ الآياتِ [الناس: 1 - 3]، تعليمٌ للناس صفات المستعَاذ به الثلاث: الربوبية، والملك، والألوهية، والإيمان بها والتعَبُّد له بها؛ إذ قسَّم العلماء التوحيد إلى قسمين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وبعضهم يشتق من توحيد الربوبية قسمًا ثالثًا تحت عنوان: الأسماء والصفات؛ لأهميته وكثرة لَغَطِ الناس فيه.



وعليه تكون أبواب التوحيد كما يلي:

أولًا: توحيد الربوبية، ويقصد به توحيد المعرفة بالله تعالى وإثبات ذاته سبحانه وأفعاله[23].

قال ابن تيمية: (وهو الإقرار بأن الله خالق كل شيء وربه، وهذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين قال الله عنهم: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: 25][24].



والقسم الثاني: توحيد الأسماء والصفات، وهو يتضمن إثبات نعوت الكمال لله بإثبات أسمائه الحسنى وما تتضمنه من صفاته[25].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يُثبِت الله ما أثبَته لنفسِه من الأسماء والصفات، ويُنفَى عنه مماثلةُ المخلوقات ويَعلم أن الله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله)[26].



والقسم الثالث، وهو توحيد الإلهية والعبادة، ويقصد به توحيد الطلب والقصد[27].

وقد جُمِعت أقسام التوحيد في حديثِ النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: ((يا عبادي، كلُّكم ضالٌّ إلا مَن هديتُه، فاستهدوني أَهدِكم، يا عبادي، كلكم جائع إلا مَن أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي، كلُّكم عارٍ إلا من كسوتُه، فاستكسوني أَكسُكُم، يا عبادي، إنكم تُخطِئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفِرْ لكم، يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيدٍ واحد، فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسان مسألتَه، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخْيَط إذا أُدخِل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أُحصِيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمَن وجد خيرًا فليحمَد الله، ومَن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه))[28].



أولًا: توحيد الربوبية: هو الإقرارُ بأن الله تعالى هو الخالق الرازق، المحيي المميت، المدبر لجميع الأمور، والمتصرِّف في كل شؤون خلقه، ولا شريك له في ملكه، فقد سُئِل أعرابي عن دليل إثبات ذات الله تعالى، فقال: البَعْرة تدل على البعير، والأقدام تدل على المَسِير، فسماءٌ ذات أبراج، وأرض ذات فِجاج، وبحارٌ ذات أمواج، أفلا يدل ذلك على صنع اللطيف الخبير؟!

ولذلك استحق الربوبية من هذا الوجه كذلك.



وضد ذلك اعتقادُ العبد وجودَ متصرِّف مع الله، أو غير الله جل وعلا، فالله قادر على أن يُعدِم الأسبابَ فاعليتَها، كما أعدم النارَ فاعليتها، فجعلها بردًا وسلامًا على إبراهيم، وقادر على أن يقوِّي الأسباب الضعيفة، كما ضاعف فاعلية الإنجاب لدى زكريا عليه السلام، رغم أنه بلَغ مِن الكبر عتيًّا، وامرأته عاقر، فأنجب يحيى عليه السلام، وقادر على أن يحقق معجزات الأنبياء والكرامات لعباده المؤمنين بلا أسباب؛ كما خلق عيسى بلا أبٍ.



وليس معنى ذلك أن يتَّكِل العبدُ على ربه دون أن يأخذ بالأسباب الشرعية التي أُمر بالأخذ بها؛ فالأسباب لا تكفي وحدَها بتحصيل المراد، ولا دعاء العبد ربه دون أن يلتمس الأسباب الشرعية بكافٍ في تحصيل ذلك أو جلب الرزق، فمَن ظن أن رزقه سيأتيه تواكلًا دون أن يأتي بالتكاليف الشرعية التي أمره الله بها، فإنه يكون آثمًا؛ لأنه سيأتيه بغير الطريق الذي شرعه الله تعالى لعباده المؤمنين، وهو ما سطَّره علماء الأمة بعنوان: (وجوب العمل وعدم التواكل)[29].



يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأن يَحتطب أحدُكم حُزمة على ظهره، خيرٌ من أن يسأل أحدًا فيُعطيه أو يَمنعه))[30].

فمَن ركَن إلى الأسباب غير الشرعية؛ لينال بها مأربَه، أو تواكل ولم يأتِ بالتكليف المأمور به من الأسباب الشرعية - فإنه قد خالف ما عليه اعتقادُ المسلمين، حتى لو حقَّق بها مراده، فوافق إرادة الله الكونية (القدرية)، إلا أنه قد خالف إرادته الشرعية!



يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يزالُ الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مُزْعَة لحمٍ))[31].



وعليه فإن الأخذ بالأسباب الشرعية لا ينافي أن يُوحِّد العبد ربه، ويسأله وحده، متى علِم العبد أن الأسباب لا تنتج شيئًا إلا بإذن الله، ولو شئتَ لتأمَّلت كيف يصنع الله المعجزات، فإنه سبحانه قبل أن يُهلِك الظالمين يأمُرُ نبيَّه نوحًا عليه السلام بصناعة السفينة، وقبل أن يُهلِك فرعون وجنوده بالغرق يأمر موسى عليه السلام بأن يضربَ البحر بعصاه فينفَلِق، وهذه مريم عليها السلام يأتيها الرزق من الله تعالى وهي في حال الولادة، ولا تَقدِر أن تهزَّ جذع نخلةٍ ولو كانت صحيحة، فكيف بها وهي مِن ضَعف الولادة بمكانٍ؛ يقول لها الله: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾ [مريم: 25]، فالله تعالى يأمرها بأن تضع يدها على النخلة بوصفه أحدَ الأسباب الشرعية لتُصنَع المعجزة بإذن الله...، فإذا كان هذا هو قانونَ المعجزات، فمن الطبيعي أن يكون الأخذ بالأسباب في كافة المواطن سُنةً كونية، فضلًا عن كونه سُنة شرعية، ولعلَّ أظهر الأمثلة على أن التماسَ الأسباب لا ينافي التوكل، بل إن الأخذ بها مع تعلُّق القلب بالله تعالى هو عينُ التوكل - صلاة الخوف في الحرب؛ يقول سبحانه: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: 102]، فهذه الصلاة وإن كانت بين المجاهد وربه في موطن الجهاد والدفاع عن هذا الدين ونُصرته، وأن الله ناصر عبده وجنده - فإن الله تعالى يأمره بأن يأخذ سلاحه أثناء الصلاة؛ حتى لا يميل عليه الكافرون...، وهكذا.



ثانيًا: توحيد الأسماء والصفات:

هو أن يُدعَى الله تعالى بما سمَّى به نفسَه، ويُوصف بما وصف به نفسه، ووصفه به رسولُه صلى الله عليه وسلم، ويُنفَى عنه التشبيه والتمثيل؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180]، وضد ذلك شيئان: التعطيل والتشبيه، ويعمُّهما اسم الإلحاد؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180].



فأحد وجهي الإلحاد نفيُ ذلك عن الله عز وجل، وتعطيله عن صفات كماله ونعوت جلاله الثابتة بالكتاب والسنة.

وثانيهما تشبيه صفات الله تعالي بصفات خلقه، وقد قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].



ثالثًا: توحيد الإلهية:

وهو إفراد الله تعالي بجميع أنواع العبادة، ونفي العبادة عما سوى الله تبارك وتعالى، وضد ذلك هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عز وجل، وهذا هو الغالب على عامة المشركين، وفيه دارَتِ الخصومةُ بين جميع الرسل وأُمَمها، ولعل أظهر نزاعاتهم في ذلك أن يتنازع الناس في أمور حياتهم، فلا يحتكمون إلى الله تعالى؛ يقول سبحانه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]، فالآية نَفَتِ الإيمان عمَّن لا يحتكم إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهي أبلغ ردٍّ على مَن يُنكِر أن يكون للإسلام حكم في كل مسألة من أمور الحياة، وأنه القاضي بين الناس في كل نزاعاتهم.



يقول المفكر الإسلامي الأستاذ سيد قطب رحمه الله:

(لقد اقتضت حكمة الله أن تكون قضيةُ العقيدة هي القضيةَ التي تتصدى الدعوة لها منذ اليوم الأول للرسالة، وأن يبدأَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُولى خطواته في الدعوة، بدعوة الناس أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن يمضي في دعوته يُعرِّف الناس بربِّهم الحق، ويُعبِّدهم له دون سواه، ولم تكن هذه - في ظاهرِ الأمر وفي نظرة العقل البشري المحجوب - هي أيسرَ السبلِ إلى قلوب العرب، فلقد كانوا يعرفون من لغتهم معنى "إله"، ومعنى "لا إله إلا الله"، كانوا يعرفون أن الألوهية تعني الحاكمية العُليا، وكانوا يعرفون أن توحيد الألوهية وإفراد الله سبحانه بها، معناه نزع السلطان الذي يزاوله الكهَّان ومشيخة القبائل والأُمراء والحكام، ورده كله إلى الله، السلطان على الضمائر، والسلطان على الشعائر، والسلطان على واقعيات الحياة، السلطان في المال، والسلطان في القضاء، والسلطان في الأرواح والأبدان، كانوا يعلمون أن "لا إله إلا الله" ثورةٌ على السلطان الأرضي الذي يغتصب أُولَى خصائص الألوهية، وثورةٌ على الأوضاع التي تقوم على قاعدةٍ من هذا الاغتصاب، وخروجٌ على السلطات التي تَحكُم بشريعةٍ مِن عندها لم يأذَنْ بها الله، ولم يكن يغيب عن العرب - وهم يعرفون لغتهم جيدًا، ويعرفون المدلول الحقيقي لدعوة "لا إله إلا الله" - ماذا تَعْنيه هذه الدعوة بالنسبة لأوضاعِهم ورياساتهم وسلطانهم، ومِن ثَم استقبلوا هذه الدعوة - أو هذه الثورة - ذلك الاستقبال العنيف، وحاربوها تلك الحرب التي يعرفها الخاص والعام)[32].



في قوله تعالى: ﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾، تعريفٌ بصفات العدوِّ المستعاذ منه، ودراسة سلوكه، وتحليل نفسيته، والعدو الأول للإنسان هو الشيطان الرجيم؛ يقول المولى سبحانه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6]، وقد بدَتْ هذه العداوة في محاولته لإضلال آدم وذريته؛ قال سبحانه: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾ [طه: 117]، وقد بيَّنت السورة صفتينِ تلتصقان بهذا العدو: إحداهما هجومية، والأخرى دفاعية؛ حيث يستخدم الشيطان أسلوبًا هجوميًّا معروفًا لإغواء ابن آدم، لا يخرج عن (الوسوسة)، كما يستخدم أسلوبًا آخر دفاعيًّا للفرار من القوة الإيمانية لابن آدم، ألا وهو (الخنس).



أولًا: الوسوسة [33]: هي الصوت الخافت الذي يكاد لا يُسمع إلا من الطَّرف الذي وُجِّه إليه الكلام، وهو أسلوبٌ يستخدمه دائمًا الضعفاء والمتحايلون على الحق والمتآمرون على أهل الحق؛ يقول سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ [المجادلة: 8]، فهم لا يملِكون حشدَ أهل الحق حول كلمتهم؛ لأن كلمتهم باطلة، ويحاولون مرارًا وتَكرارًا الانفرادَ بآحاد الناس، كل على حدةٍ؛ ليساوموه تارة، ويهددوه تارة أخرى، ويُغروه تارة ثالثة...، وهكذا حتى يَصرفوا الناس عن عقيدتهم وما يؤمنون به، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بألا نترك للشيطان فرصةً لأن ينفردَ بالفرد، فيقول صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالجماعة، وإياكم والفُرْقة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعدُ، مَن أراد بُحبُوحةَ الجنة، فليَلزمِ الجماعة، مَن سرَّته حسنته وساءَتْه سيئتُه، فذلك المؤمن))[34].



كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم صاحبَه أبا الدرداء، فقال له: ((عليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئبُ القاصيةَ))[35]، وكان ذلك في مَعرِضٍ حثَّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على صلاة الجماعة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان))[36].



ويستفاد مِن ذلك أن صوت الباطل دائمًا يكون ضعيفًا، لا يستطيع أهله الجهر به لشدة نكارتِه؛ لذا علا صوتُ الحقِّ دائمًا على صوت الباطل، حتى في ظل أشد الأوقات التي يَضعُف فيها؛ لأن صوت الوسوسة خافت دائمًا، ولا يَجرؤ أن ينطق به اللسان إلا في خفاء.



ثانيًا: الخنس[37]: ويقصد بذلك الهروبُ والرجوع للوراء عند سماع ذكر الله؛ ذلك أن صوت الباطل لا تأثير له مع ذكر الله تعالى، فهو القائل في كتابه: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء: 45، 46].



وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا نُودِي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضُراط؛ حتى لا يسمع الأذان، فإذا قُضِي قبل الأذان أقبل، فإذا ثُوِّب بها أدبر، فإذا قضِي التثويب أقبلَ، حتى يَخطِر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا وكذا، ما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل إن يدري كم صلَّى، فإذا لم يدرِ أحدُكم كم صلَّى ثلاثًا أو أربعًا، فليسجُد سجدتين وهو جالس))[38].



وفي قوله تعالى: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ﴾: تعليمٌ لأهل الحق بطريقة عمل الشر ضد أهل الخير، ومجاريه ومداخله، وقد بيَّن القرآن أن الشيطان يدخُلُ إلى القلب خطوةً خطوة، فلا يهجُم على الإنسان بوساوسه قهرًا، فإذا استسلم المرء لأول خطوة سعى الشيطان لأن يَتبعه ابنُ آدم في الخطوة الثانية، ثم الثالثة، حتى يقع في الحرام؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: 21].



قال العلماء: (مثال القلب مثال حصنٍ، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن، فيملِكه ويستولي عليه، ولا يقدر على حفظ الحصن من العدو إلا بحراسة أبواب الحصن، ومداخله ومواضع ثُلَمِه، ولا يقدر على حراسة أبوابه مَن لا يدري أبوابه، فحماية القلب عن وسواس الشيطان واجبةٌ، وهو فرض عين على كل عبد مكلَّف، وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به، فهو أيضًا واجب، ولا يتوصل إلى دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، فصارت معرفة مداخله واجبةً، ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد وهي كثيرة، ولكنا نشير إلى الأبواب العظيمة الجارية مجرى الدروب التي لا تضيق عن كثرة جنود الشيطان)[39].



ويجدر في هذا المقام أن نضرب بعض الأمثلة على مداخل الشيطان كما يلي:

العمل بالشك والظن وعدم التثبت والتيقن؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: 12]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمِع))[40].



وعن علي بن حسين عن صفية بنت حُيَي، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفًا، فأتيتُه أزورُه ليلًا فحدَّثته، ثم قمت، فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رَأَيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((على رِسلِكما، إنها صفية بنت حيي))، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يَقذِف في قلوبكما سوءًا - أو قال - شيئًا)) [41].

التسرع والعجلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((التأني من الله، والعجلة من الشيطان))[42].



الغضب، ذلك أن الغضب غولُ العقل، وإذا ضَعُفَ جند العقل هجَم حينئذٍ الشيطان فلعب بالإنسان[43]، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: ((لا تغضب))، فردَّد مرارًا، قال: ((لا تغضب))[44].



الحرص على الدنيا والخوف من الفقر؛ قال تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾ [البقرة: 268]، قال العلماء: متى كان العبد حريصًا على شيء أعماه حرصُه وأصمَّه، وغطَّى نور بصيرته التي يعرف بها مداخل الشيطان...، فيَحسُن عند الحريص كل ما يوصله إلى شهوته، وإن كان منكرًا أو فاحشًا[45].



التسويف والتغرير والأماني؛ قال تعالى: ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [الحديد: 14].



الكبر: قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر: 56]، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الكبر بَطَر الحق وغَمْط الناس))[46].



الرياء: قال تعالى: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 188].



الاسترسال في الشهوات والمباحات؛ قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 27، 28].



الحقد والحسد (التحريش)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان قد أَيِسَ أن يعبُدَه المصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم))[47].

قال النووي: ولكنه سعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوها[48].



الكسل: قال ابن القيم: (كلُّ المفاسد ثمرة العجز والكسل)[49]؛ ولذلك استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل))[50].

وفي قوله تعالى: ﴿فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾: إيضاح لمواطن اجتهادِ الشيطان؛ حيث يصبُّ وسوستَه في قلب المرءِ ليُحوِّله إليه، فإذا فسد القلب فسدت سائر الجوارح، فعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))[51].



وعليه تعيَّن على المسلم أن يجتهد في إخلاص الطاعات لله تعالى، وأن يُجنِّبها الرياء والسمعة وحب المدح من الآخرين، كما عليه أن يُنظِّف قلبه من الحسد والحقد والغل للآخرين، فإذا طهُر قلبه من تلك الأخلاق الذميمة، استطاع بذلك أن يُقبِل على الله تعالى بجسده كله؛ ليعبده بسائر جوارحه في همة ونشاط.



تدبَّر كيف أفسد الشيطان صلاة المنافقين؛ حيث قال سبحانه: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142]، ففساد القلب أدى إلى فساد العبادة، وحِيلُ الشيطان في هذا الأمر كثيرة، فهو يُزيِّن للمرء الشهوات والملذَّات؛ حتى يصرِفَ قلبه عن الطاعات؛ قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [البقرة: 212]، قال سبحانه: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران: 14]، والحق أن القلب إذا خلَص مما زيَّنه الشيطان له، فقد سلِم.



إذًا الإشكالية هي تخليص القلب من حب ذلك كله؛ قال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88، 89]، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثٌ مَن كن فيه، وجد طعم الإيمان: مَن كان يحب المرءَ لا يحب إلا لله، ومَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، ومَن كان أن يُلقَى في النار أحبَّ إليه من أن يرجع في الكفر بعد أن أنقَذه الله منه))[52].



وحين ينضبط ميزانُ الحب والكره عند المرء بميزان الشرع، لن يكون هناك محلٌّ لوسوسة الشيطان بإذن الله؛ قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات: 7].



وفي قوله تعالى: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ والنَّاسِ﴾: إيضاح آخر بمصدرَي الوسوسة؛ حيث علَّمنا القرآن أن الوسوسة قد تكون من الجن أو من الإنس كذلك؛ قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: 112]، وفي ذلك تفصيل على النحو التالي:

أولًا: الوسوسة الجِنية: قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف: 36].

وعن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحدٍ إلا وقد وُكِّل به قرينُه من الجن))، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: ((وإياي، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلَم فلا يأمرني إلا بخير))[53].



ويتميَّز الجن عن الإنس بخاصَّةِ عدم إمكان رؤيته؛ قال سبحانه: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: 27].



وهنا يُطرَح تساؤلٌ: لماذا لا نرى الشيطان؟

ويجاب على ذلك بأربعة أجوبة:

فالجواب الأول: هو أن الله تعالى أخبرنا أنه عدونا، وأنه ضعيف؛ حيث قال: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]، فكان في عدم رؤيته تقليلٌ من شأنه، وعدم التهويل لأمره؛ ذلك أن في رؤيته تضخيمًا لحقيقته الضعيفة، وأنه لا يضر ولا ينفع إلا بإذن الله؛ كما قال سبحانه: ﴿وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 102].



ويجاب على ذلك ثانيًا بأن الشارع سبحانه أراد أن يكونَ امتثال المسلم لأوامره واجتناب نواهيه نابعًا عن عقيدة وإيمان، لا عن انشغال بأمور مادية لا يتحقَّق منها الابتلاء والاختبار، فاستحالةُ رؤية الشيطان في الدنيا تُحقِّق معنى الابتلاء والحكمة منه؛ حيث تكون الوسوسة من الأمور الغَيبية التي نؤمن بها ونَحذَر منها.



ويجاب على ذلك ثالثًا بأن المقصد من التكليف هو الامتثال للأمر، واجتناب مواضع النهي، دون اهتمام بالمصالح المرجوَّة والمفاسد المدفوعة، وإن كان مما لا شك فيه أن المصالح هي مقاصد الشارع من التكليف، والمفاسد هي مقاصده من النواهي، بَيْدَ أن طاعةَ العبد لمولاه لا ترتبط بتلك المقاصد؛ حيث تتحقق العبادة الكاملة دون أن يعلم العبد الحكمة من الأمر أو النهي، فالأصل أن يكون الدافع لاجتناب المعصية ليس تجنُّب المفسدة بقدر الامتثال لِما نهى الله عنه؛ فلا يكون شاغلُك مصدر الوسوسة بقدر ما يشغلك اجتناب الفعل المحرم ذاته.



ويجاب على ذلك رابعًا بأن الحكمة من عدم رؤيته ظاهرةٌ في تخفيف الابتلاء على العباد، فعندما غرَّر الشيطان بآدم فأكل من الشجرة، اتَّضح من السياق أنه دارتْ بينهما محاورة: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: 21]، فكان ذلك أشد إقناعًا لهما، بعد أن ساق لهما الحجج، ومَن ثَم شُغِلا بالملك والخلد الذي سوف يكون لهما بعد الأكل منها، فكان من رحمة الله تعالى أن أخفى عنا مصدرَ الوسوسة الجِنيَّة؛ حتى يقل الإقناع والتأثير، فالمحاكاة أكثر تأثيرًا وأشد حملًا على تغيير المعتقد والفكر، فنَسِي آدم أن إبليس عدوُّه، وانشغل بما أغرَّه الشيطان به، ونسِي أن الأكل من هذه الشجرة محرمٌ، وبالتالي نسِي عهد الله له؛ لذا قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [طه: 115].



ثانيًا: الوسوسة الإنسية: وتتمثَّل في جُلساء السوء، وقد حذَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من جليس السوء، وشبَّه شرَّه بالشَّرر المتطاير من عمل الحداد، فكلما اقتربت منه، زاد احتمال احتراقك منه، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَل الجليس الصالح والجليس السوء، كمَثَل صاحب المسك وكِير الحداد، لا يَعدَمُك من صاحب المسك؛ إما تشتريه أو تجد رِيحه، وكِير الحداد يُحرِق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثة)[54].



والوسوسة الإنسية شرُّها أكبر من الوسوسة الجِنَّية لأجل المحاكاة؛ لأن الإنسي تظنُّه صديقًا ناصحًا لك فيغرُّك، أما الوسوسة الجنية، فمصدرها وإن كان من الشيطان الرجيم، لكنك لا تراه، فيسهل الإقناع في الأُولى عن الثانية؛ لأن صديق السوء يملِك أن يجالسك ويخالطك ويُحاكيك، فتَأْلَفَه وتتآلفَ معه ما لم تَحترِزْ منه، كما أن الإنسي لا يَخنُس بينما الجني يخنُس عند ذكر الله تعالى، كما أن مجاهدة أصدقاء السوء تتطلب مشقةً أكبر من مجاهدة الشيطان، وذلك لإحاطتهم بالمرء من كل جهة؛ البيت والعمل، والبث الإعلامي... إلخ.



ولا ملجأ للمسلم من أصدقاء السوء - وقت الفتنة وانتشار الفساد - غير المساجد؛ يقول سبحانه: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [النور: 36]، فالنجاة كل النجاة في أن يَفزَع المرء مِن هؤلاء وهؤلاء إلى المساجد بيوت الله، ولا عذرَ لأحد في عدم الفرارِ من شياطين الإنس، وعدم مجالستهم احترازًا مِن شرِّهم؛ يقول سبحانه: ﴿يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ﴾ [سبأ: 31، 32].


[1] رواه مسلم، ج 1 ص 558، رقم 814.

[2] رواه مسلم، ج 1 ص 119، رقم 133.

[3] شرح النووي على مسلم، ج2 ص 154.

[4] رواه البخاري، ج 3 ص 1194 رقم 3102.

[5] فتح الباري ج6 ص341.

[6] (جنن) جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنًّا: سَتَره، وكلُّ شيء سُتِر عنك فقد جُنَّ، ومنه سُمِّي الجَنينُ؛ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه، وجن الليل لشدَّةُ ظُلْمتِه، والشياطين سُميت بالجِنَّة؛ لأنها ترانا ولا نراها.

[7] حديث الترمذي، رقم 2516، ج 4 ص 667.

[8] ابن أبي العز الحنفي - شرح العقيدة الطحاوية ج1 ص 249 - لناشر: المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الرابعة، 1391.

[9] رواه البخاري ج11 ص 60 رقم 3040.

[10] (عوذ) لاذ فيه، ولجأَ إِليه، واعتصم به.

[11] سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب - تيسير العزيز الحميد ج 1 ص 26 - مكتبة الرياض الحديثة.

[12] العلامة ابن القيم: بدائع الفوائد، ج2 ص427.

[13] تفسير ابن كثير ج1 ص114.

[14] رواه الترمذي؛ وقال: حسن صحيح، رقم 2516، ج 4 ص 667، وصحَّحه الألباني.

[15] مادة (ربب): الرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ والسَّيِّدِ والمُدَبِّر والمُرَبِّي والقَيِّمِ والمُنْعِمِ، واللهُ عز وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ، فهو رَبُّ الأَرْبابِ ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ.

[16] (نوس): والنَّوْس تَذَبْذُبُ الشيء - ويقال للغُصْن الدقيق إِذا هبَّت به الريح فهزَّته، فهو يَنوس، والمعنى المراد جماعة الناس؛ لأنهم يتحرَّكون ويتذبذبون في الأرض لطلب الرزق.

[17] رواه البخاري ج 7 ص 132 رقم 5742.

[18] رواه أبو داود ج 4 ص 9 رقم 3883، وصحَّحه الألباني.

[19] رواه أبو داود، ج 4 ص 59، رقم 4090، وصحَّحه الألباني.

[20] رواه مسلم ج13 ص 286 رقم 4925.

[21] محمد علي بن محمد علان بن إبراهيم البكري - دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، ج4 ص 245

[22] محمد عبدالرؤوف المناوي: فيض القدير شرح الجامع الصغير ج2 ص 226 دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الأولى 1415 هـ - 1994 م.

[23] شرح العقيدة الطحاوية؛ عبدالعزيز الراجحي ج1 ص 7.

[24] منهاج السنة النبوية، ج3 ص 171.

[25] محمد بن عبدالرحمن العاصمي الحنبلي - آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولياؤه، ج1 ص 13.

[26] مجموع الفتاوى ج5 ص 263.

[27] معارج القبول ج 2 ص 249.

[28] رواه مسلم، ج 4 ص 1994، رقم 2577.

[29] محمد بن عبدالوهاب - أصول الإيمان ج 1 ص 72.

[30] رواه البخاري، ج 2 ص 730، رقم 1968.

[31] رواه البخاري، ج 2 ص 536، رقم 1405.

[32] مقدمة سورة الأنعام - في ظلال القرآن - للسيد قطب.

[33] (وسس): الوَسْوَسة حديث النفس؛ أي: بما لا نَفْعَ فيه ولا خَيْرَ، والوسواس: الصوت الخفي من ريحٍ تهز قصبًا ونحوه، وبه يُشبه صوتُ الحُلي.

[34] رواه الترمذي، ج 4 ص 465، رقم 2165، وصححه الألباني، صحيح وضعيف سنن الترمذي ج5 ص 165 رقم 2165.

[35] رواه أبو داود، ج 1 ص 205، رقم 547، وحسنه الألباني.

[36] ذكره الألباني في صحيح أبي داود، ج 3 ص 58، وحسنه في صحيح وضعيف سنن أبي داود، ج2 ص47، رقم547.

[37] الخُنُوس: الانقباضُ والاستخفاء، انْخَنَس انقبض وتأَخَّر، وقيل: رجع، ويقصد بذلك أن الشيطان يتقهقر ويتراجع عندما يسمع ذكر الله تعالى، إلا أنه لا يَلبث حتى يُقبِل مرة أخرى؛ ليستمر في وسوسته حين يَغفُل القلب عن ذكر الله تعالى، فلا يَمنعه من ابن آدم إلا الذكر.

[38] رواه البخاري في صحيحه، رقم 1174، ج 1 ص 413.

[39] أبو حامد الغزالي - إحياء علوم الدين ج3 ص 32.

[40] رواه مسلم ج1 ص 15 رقم 6.

[41] رواه البخاري، ج11 ص 59 رقم 3039.

[42] مسند أبي يعلى، ج7 ص247، رقم 4256، والبيهقي، شعب الإيمان، ج4 ص89، رقم4367، وحسنه الألباني، السلسلة الصحيحة، المجلدات الكاملة، ج4 ص294، رقم 1795.

[43] مختصر منهاج القاصدين؛ للمقدسي ج3 ص 4.

[44] رواه البخاري، ج 19، ص 74 رقم 5651.

[45] مختصر منهاج القاصدين، للمقدسي ج3 ص 4.

[46] رواه مسلم ج1 ص 247 رقم 131.

[47] رواه مسلم ج13 ص 424 رقم 5030.

[48] شرح النووي على مسلم ج17 ص 156.

[49] زاد المعاد في هدي خير العباد ج2 ص 362.

[50] رواه البخاري، ج9 ص405 رقم 2611.

[51] رواه البخاري في صحيحه رقم 52 ج 1 ص 28.

[52] رواه مسلم ج1 ص 66 رقم 43.

[53] رواه مسلم في صحيحه، رقم 2814، ج 4، ص 2167.

[54] رواه البخاري في صحيحه رقم 1995 ج 2 ص 741.












رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #2


الصورة الرمزية خواطر عاشق

 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Jul 2020
 آخر حضور » اليوم (01:53 AM)
مواضيعي » 16881
آبدآعاتي » 151,214
الاعجابات المتلقاة » 4403
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي ♡
آلعمر  » 17 سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
 التقييم » خواطر عاشق تم تعطيل التقييم
نظآم آلتشغيل  » Windows 7
مشروبك  »مشروبك pepsi
قناتك  » قناتك abudhabi
ناديك  » اشجع ithad
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
151 
 

خواطر عاشق غير متواجد حالياً

افتراضي



سلمت يدآك على الطرح الجميل
بإنتظآر جديدك بشوق
الله يعطيك العآفية





رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #3


الصورة الرمزية يارا

 
 عضويتي » 51
 جيت فيذا » Aug 2020
 آخر حضور » 04-02-2024 (06:38 PM)
مواضيعي » 0
آبدآعاتي » 47,088
الاعجابات المتلقاة » 78
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه احب الاكل
جنسي  »  الرقص
آلقسم آلمفضل  » طالبه
آلعمر  » Adobe Photoshop CS3
الحآلة آلآجتمآعية  » 7up
 التقييم » يارا will become famous soon enoughيارا will become famous soon enough
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
أس ام أس ~
MMS ~
 آوسِمتي »
23 
 

يارا غير متواجد حالياً

افتراضي



ابدعت في انتقاء موضوعك
سلمت اناملك ع الطرح الراقي
راق لي ما راق لك
ربي يعطيك الف عافيه
في انتظار كل جديدبكل شوق
تحيتي ...




رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #4


الصورة الرمزية ميرا

 
 عضويتي » 46
 جيت فيذا » Aug 2020
 آخر حضور » 10-16-2020 (12:55 AM)
مواضيعي » 37
آبدآعاتي » 47,651
الاعجابات المتلقاة » 140
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي ♡
آلعمر  » 17 سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
 التقييم » ميرا is a jewel in the roughميرا is a jewel in the roughميرا is a jewel in the roughميرا is a jewel in the rough
نظآم آلتشغيل  » Windows 7
مشروبك  »مشروبك pepsi
قناتك  » قناتك abudhabi
ناديك  » اشجع ithad
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
1 23 
 

ميرا متواجد حالياً

افتراضي



موضوع في قمة الروعه لطالما كانت مواضيعك متميزة

لا عدمنا التميز و روعة

دمت لنا ودام تالقك الدائم




رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #5


الصورة الرمزية راكان

 
 عضويتي » 54
 جيت فيذا » Aug 2020
 آخر حضور » 08-25-2020 (02:55 PM)
مواضيعي » 0
آبدآعاتي » 47,390
الاعجابات المتلقاة » 52
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  » Adobe Photoshop 7,0
الحآلة آلآجتمآعية  » 7up
 التقييم » راكان is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
23 
 

راكان متواجد حالياً

افتراضي



طرح رائع كروعة حضورك
اشكر ك علي روعة ماقدمت واخترت
من مواضيع رائعه وهامة ومفيدة
عظيم الأمتنان لكَ ولهذا الطرح الجميل والرائع
لاحرمنا ربي باقي اطروحاتك الجميلة
تحياااتي




رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #6


الصورة الرمزية الرمش

 
 عضويتي » 53
 جيت فيذا » Aug 2020
 آخر حضور » 02-04-2021 (02:33 PM)
مواضيعي » 54
آبدآعاتي » 20,550
الاعجابات المتلقاة » 66
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  » Adobe Photoshop 7,0
الحآلة آلآجتمآعية  » 7up
 التقييم » الرمش is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
23 
 

الرمش متواجد حالياً

افتراضي



ماشاءالله
طرح بمنتهى الروعه والجمال
سلمت الايادي
شكرا لك ع جهودكك المميزه
يعطيك العافيه




رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #7


الصورة الرمزية مزيونه العين

 
 عضويتي » 73
 جيت فيذا » Sep 2020
 آخر حضور » 09-15-2020 (08:05 AM)
مواضيعي » 110
آبدآعاتي » 29,062
الاعجابات المتلقاة » 112
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه احب الاكل
جنسي  »  الطبخ والرقص
آلقسم آلمفضل  » طالبة
آلعمر  » Adobe Photoshop 7,0
الحآلة آلآجتمآعية  » 7up
 التقييم » مزيونه العين is a jewel in the roughمزيونه العين is a jewel in the roughمزيونه العين is a jewel in the roughمزيونه العين is a jewel in the rough
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
23 
 

مزيونه العين متواجد حالياً

افتراضي



الله يعطيك العافية على الانتقاء الرائع والمميز
طرح في منتهى الابداع والرقي ،،
سلمت أناملك لجمال اختيارك وطرحك ’’
بانتظار جديدك القادم بشوق ،’





رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #8


الصورة الرمزية كادي

 
 عضويتي » 76
 جيت فيذا » Sep 2020
 آخر حضور » 02-06-2021 (08:46 PM)
مواضيعي » 5
آبدآعاتي » 31,189
الاعجابات المتلقاة » 38
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي ♡
آلعمر  » 17 سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
 التقييم » كادي is a jewel in the roughكادي is a jewel in the roughكادي is a jewel in the roughكادي is a jewel in the rough
نظآم آلتشغيل  » Windows 7
مشروبك  »مشروبك pepsi
قناتك  » قناتك abudhabi
ناديك  » اشجع ithad
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
22 
 

كادي متواجد حالياً

افتراضي



سَلَمِتْ أٌنآملِـگ عَلََى الـآنتقآء آلمميٍـز
لـآحُرمنًآ آلمولى هًذآ الهطًول آلجمَيـٍل




رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #9


الصورة الرمزية جنون الحب

 
 عضويتي » 75
 جيت فيذا » Sep 2020
 آخر حضور » 10-13-2020 (10:26 PM)
مواضيعي » 27
آبدآعاتي » 38,084
الاعجابات المتلقاة » 75
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي ♡
آلعمر  » 17 سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
 التقييم » جنون الحب is a jewel in the roughجنون الحب is a jewel in the roughجنون الحب is a jewel in the roughجنون الحب is a jewel in the rough
نظآم آلتشغيل  » Windows 7
مشروبك  »مشروبك pepsi
قناتك  » قناتك abudhabi
ناديك  » اشجع ithad
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
38 33 
 

جنون الحب متواجد حالياً

افتراضي



يعطيك الف عآفيه على الطرح الرائع..
لاحرمنا منك ..آبدآ..ولآمن ابدآعك..
بآنتظار جديدك المتميز
دمت بسعآدهـ
يعطيك العافيه على الابداع
وتسلم يديك
مانحرم من ابداعك




رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 05:43 PM   #10


الصورة الرمزية حنان

 
 عضويتي » 98
 جيت فيذا » Oct 2020
 آخر حضور » 11-05-2020 (02:44 AM)
مواضيعي » 66
آبدآعاتي » 54,096
الاعجابات المتلقاة » 82
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  » Adobe Photoshop 7,0
الحآلة آلآجتمآعية  » 7up
 التقييم » حنان is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
38 
 

حنان متواجد حالياً

افتراضي



طرح رائع
وكل الشكر على طرحك الطيب
اتمنى لكم المزيد من التالق والتميز
يعطيك عافيه على تقديم ماهو جديد ومفيد
لك محبتي وأحترامي
ودمتم بسعاده




رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديدإضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علوم سورة عبس وسورة التكوير الغالي ♫. ليالي اَلَقَرَاَنَ اَلَكَرَيَمَ وًّتَفَسَيَرَهَ ♫. 19 02-27-2023 08:20 PM
جوانب تربوية في سورة الأنفال الغالي ♫. ليالي اَلَقَرَاَنَ اَلَكَرَيَمَ وًّتَفَسَيَرَهَ ♫. 21 02-27-2023 08:20 PM
آيات من سورة القيامة بتفسير الزركشي الغالي ♫. ليالي اَلَقَرَاَنَ اَلَكَرَيَمَ وًّتَفَسَيَرَهَ ♫. 12 09-18-2021 12:14 AM
تفسير الزركشي لآيات من سورة الإنسان الغالي ♫. ليالي اَلَقَرَاَنَ اَلَكَرَيَمَ وًّتَفَسَيَرَهَ ♫. 18 09-18-2021 12:14 AM


الساعة الآن 03:51 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd


new notificatio by
9adq_ala7sas