لسان المسلم

لسان المسلم سأل سفيان بن عبد الله الثقفي رسول الله  فقال : ما النجاة ؟ قال : " امسك عليك لسانك " . رواه الترمذي وفي صحيح البخاري , عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله  : " من يضمن لي ما بين لحييه ورجليه أتكفل له الجنة " . وسئل عليه الصلاة والسلام عن أكبر ما يدخل النار ؟ فقال : " الأجوفان ، الفم والفرج " . رواه الترمذي . وقال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل : " ثكلتك أمك , وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " رواه الترمذي . وسأل سفيان بن عبد الله الثقفي : يا رسول الله : ما أخوف ما تخاف على ؟ فأخذ بلسانه وقال : هذا . رواه النسائي . وعن أبي سعيد الخدري قال : قال عليه الصلاة والسلام : إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تكفر اللسان , تقول : اتق الله فينا , فأنك إذا استقمت استقمنا , وإذا اعوججت اعوججنا . رواه الترمذي . وفي الصحيحين عن أبي هريرة  قال : قال  : " و من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت " . هذه بعض الأحاديث التي وردت للتحذير من البلاء الموكل بالنطق , فإن للسان آفات تحيط به يجب الاحتراز عنها , وعدم التغافل عن غوائلها , قالت العرب : " رب كلمة تقول لصاحبها دعني " لأن حتفه ربما يكون بسببها , ولولا أن اللسان يفضي بالإنسان إلى التهلكة لما فضل الصمت على الكلام , فلسان الإنسان من أعظم نعم الله تعالى على عبده , فهو عضو الإبانة عن الأغراض , وبه يستبين الكفر من الإيمان , وبه ترتفع قيمة المرء وتنخفض , فهو مخبوء تحت لسانه , فإذا تكلم بان وظهر الجوهر الذي يميزه , فلذلك كانت عناية الإسلام بلسان المسلم عظيمة حتى لا يقع في محظور , أو يلتبس بما يشين . ذكر البيهقي في الشعب , أن أبا بكر الصديق  كان يضع في فمه حصاة يمنع بها نفسه من الكلام , ويشير إلى لسانه ويقول : هذا الذي أوردني الموارد . ومن البلايا التي يجب تنزيه اللسان عنها : الكذب , والغيبة , والنميمة والفحش , والبذاءة , والرياء , والنفاق , والجدل , والخوض في الباطل والخصومة , وإذاء الخلق , وهتك عورات الناس , واللعن , والسخرية والاستهزاء , والمزاح المكروه , وإفشاء السر .. وغيرها ولا نجاة من هذه المهالك إلا بالصمت وكف اللسان , والمسلم من سلم الناس من لسانه , فلا يؤذيهم , ولا يمشي بينهم بلسانين . ولو عرف الإنسان حق المعرفة أنه يحاسب على كل ما تكلم به لسانه لكفاه ردعاً وزجراً عن كل ما يتكلم به قوله تعالى في كتابه الكريم : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " سورة ق آية 18 ومن عيوب اللسان وقوعه بالكلام فيما لا يعنيه ولا يهمه شأنه ولا يجلب له نفعاً ولا يدفع عنه ضراً, فهو بالخوض فيما لا يعنيه يضيع وقته الذي يحاسب عليه أمام رب العالمين , وقد قال عليه الصلاة والسلام : -فيما رواه الإمام مالك وأحمد والترمذي والنسائي وغيرهم- "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " . قال العلماء : وهذا الحديث ربع الإسلام .قال أنس بن مالك  : استشهد غلام منا يوم أحد فوجدنا على بطنه حجراً مربوطاً من الجوع , فمسحت أمه على وجهه التراب وقالت : هنيئاً لك الجنة يابني . فقال  : " وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه , ويمنع ما لا يضره " . قال العلماء : معناه – من تكلم فيما لا يعنيه حوسب عليه وإن كان كلامه مباحاً - روي أن لقمان الحكيم دخل على داوود عليه السلام وهو يسرد درعاً , ولم يكن رآها قبل ذلك اليوم , فجعل يتعجب مما رأى , فأراد أن يسأله عن ذلك فمنعته حكمته , فأمسك نفسه ولم يسأله , فلما فرغ , قام دوود ولبسه ثم قال : نعم الدرع للحرب , فقال لقمان : ( الصمت حلم وقليل فاعله ) – أي حصل به العلم من غير سؤال , فاستغنى عن السؤال -