قلعة تبنين – تعتبر القلاع مراكز تاريخية للحروب القديمة التي جرت خلال العصور المختلفة ولطالما كان هناك تجاذب للسيطرة على كل قلعة حتى يتم السيطرة على المناطق التي تقع حولها.
وفي لبنان؛ نرى في كل منطقةٍ من مناطقها قلعة تميزت بتاريخها وبطريقة بنائها وكان لها قصةٌ فريدة، وسنتعرف اليوم على قلعةٍ كانت مركزاً للتجاذب من الأطراف المختلفة، وهي قلعة تبنين، فأين تقع هذه القلعة وما قصتها؟ سنتعرف عليها معاً…
متى نشأت قلعة تبنين؟
هناك أقوالٌ مختلفة حول نشأة القلعة، بعضها تنسبها إلى عصر الصليبين وأقوالٌ أخرى تعيدها إلى العصر الروماني نظراً للحجارة الكبيرة التي تدل على نمط بنائهم، وأقوالٌ أخرى أيضاً تقول بأنها بُنيت من قبل الآراميين في منتصف القرن التاسع قبل الميلاد، قولٌ آخر ينسب بناء القلعة إلى تيرون ابن عيص ابن إسحاق، شقيق النبي يعقوب ابن النبي إبراهيم عليهما السلام، ودليل قوله وجود “خلة عيص” إلى جوار القلعة.
موقع استراتيجي تتمتع به القلعة
ومع هذه الأقوال المختلفة؛ لا يمكننا أن نحدد ما هو الصحيح بالضبط، ولكن إن عدنا إلى فترة الصليبيين فهناك خياران أحدهما أنهم قاموا ببنائها بالفعل عام 1107م من قبل أمير طبريا هوغيز دي سانت اومير، أو أنهم أعادوا ترميمها حينذاك، أما الاسم فهو يعني البناء المشيد حسب اللغة الآرامية القديمة، وقد كانت تُعرف باسم “طورون” من قبل الفرنجة نسبة لاسم المشرف على بنائها، ليتم تغيير الاسم في التاريخ العربي إلى تبنين، بسبب ما تتميز به من موقعٍ جغرافي وباعتبارها من أمهات بلدات جبل عامل.
موقع قلعة تبنين الجغرافي
تتميز القلعة بموقعها الجغرافي الذي يطل على جبل الجليل في فلسطين، ليمتد إلى مدينة صور والساحل الجنوبي للبنان، وتعتبر هذه القلعة مع قلعتي الجليل والشقيف أهم ثالوث عسكري في الحروب القديمة، فقد كان يتم تجاذبها بين العرب والصليبيين فمرةً تسيطر عليها العرب ومرةً أخرى الفرنجة وكان يعتبر انتصاراً عظيماً، ولذلك كانت تتعرض للهدم والترميم بشكلٍ كبير.
أحد مداخل القلعة ولكن لم يكن ظهور القلعة على العلن مستمراً، بل كان يغيب بعض الوقت ليعود مع سيطرة قائدٍ جديد، حيث لم يعد لها ذكرٌ بعد الصليبيين حتى أيام فخر الدين الذي أعاد ترميمها ومشت المياه في مجاريها، لتُطوى أخبارها من جديد حتى ظهر الشيخ ناصيف النصار من آل علي الصغير لتكون مقراً لحكمه، وفي أحد معاركها تم قتله في بلدة بارون ودُفن هناك. كانت معركته ضد الجزار الذي هدم القلعة حتى أتى عصر حمد المحمود الذي رممها وكانت مقصداً للشعراء الذين مدحوا جهوده، وقد حصلت على العز العسكري والثقافي في أيامه ليتم تشبيهها ببلاط سيف الدولة الحمداني، وذُكرت العديد من الأشعار عن القلعة في كتاب (عصر حمد المحمود).
شكل بناء قلعة تبنين
تتميز القلعة بحجمها الكبير حيث يشكل مدخلها الكبير مساحة تساوي عشرة دونماتٍ تقريباً، وهي تضم غرفاً مختلفة كغرف الاستقبال والمضافة والغرف السفلى. وهناك اسطبلات للخيول وآبار عميقة يتم جمع مياه الأمطار بها، وفي إحدى الغرف يتواجد نفقٌ كبير لم يتجرأ احدٌ على دخوله وهو يؤدي إلى أسفل القلعة حيث كان يُستعمل للهرب، وحجارة القلعة تبدو متماسكة في أغلب أقسامها مع ترميم بقيتها. وقد تم ترميم القلعة خلال العديد من العصور كما ذكرنا سابقاً، فقد رُممت أيضاً من قبل صلاح الدين الأيوبي عندما كان متوجهاً لتحرير القدس، ورُممت من قبل فخر الدين المعني، وفي عام 1990م تم ترميمها من قبل رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في عهد الرئيس إلياس الهراوي، وفي عام 1996م تم تدشين الإنارة من قبل الوزير الراحل علي حراجلي ابن تبنين.
مشهد علوي للقلعة – موقع أخبار بنت جبيل على الفيس بوك السياحة في قلعة تبنين
ما زالت أعمال الصيانة قائمةً في هذه القلعة مع التنظيف وإحاطتها بأشجار الصنوبر، ويُقام بها بعض الأنشطة الصيفية كالمهرجانات والمسارح مع حفلات تقليد الأوسمة وغيرها، يزورها رؤساء ودبلوماسيون من المشاركين في اليونيفل مع مرافقتهم من قبل رئيس اتحاد بلديات القلعة رئيس بلدية تبنين نبيل فواز، لتعود إلى الحياة من جديد وتتمتع برؤيتها الأعين من كل مكانٍ وهي تروي لهم تاريخها القديم.
بها والقيام بترميمها بصورة أفضل لتظل مزار سياحي هام.