عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04-04-2024, 09:37 PM
شيخة الزين غير متواجد حالياً
اوسمتي
207 204 
 
 عضويتي » 267
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » اليوم (07:07 PM)
مواضيعي » 2066
آبدآعاتي » 207,410 [ + ]
تقييمآتي » 2153
الاعجابات المتلقاة » 1016
الشكر المتلقاة » 234
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Qatar
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الأدبي ♡
آلعمر  » 32 سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
 التقييم » شيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond reputeشيخة الزين has a reputation beyond repute
 
افتراضي ليلة القدر: أغلى فرصةٍ في العمر









ليلة القدر: أغلى فرصةٍ في العمر

الحمد لله، ثمَّ الحمد لله.. ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام:1]، ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 78]. ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى:25].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ﴿ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾، ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون ﴾ [القصص: 70].

وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، اصطفاهُ اللهُ تَعَالَى واجتباهُ، وقربه إليه وأدْناهَ، وطهَّرَ قلبهُ وزكاه، وشرحَ صدْرهُ وهداهُ، ورفعَ ذِكرهُ وأعلاهُ، وآتاهُ الوسيلةَ والفضيلةَ والشّفاعةَ وأرضاهُ، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبهِ ومن والاهُ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا لا حدَّ لمنتهاه، أمَّا بعدُ:
فأوصيكم أيها الناسُ ونفسي بتقوى الله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70].

معاشر الصائمين الكرام، مَضَت أَيَّامُ شهرِنا المباركِ سِرَاعًا، وتَصَرَّمَت لَيَالِيهِ تِبَاعًا، كَأَنَّمَا هِيَ سَاعَاتٌ أَو لَحَظَاتٌ، وَهَكَذَا هُوَ العُمرُ أَيُّهَا المُوَفَّقُونَ، يَمضِي حثيثًا وينقضي سريعًا، فالأعمارُ مَهمَا طَالَت فهي قَصِيرَةٌ، والحَيَاةُ مهما طابتْ فهي يسيرةٌ.

والحياةُ أيُّها الكرامُ فُرص، والفُرصُ حَقُّها أن تُقتنَص، ففواتها غَبنٌ وغُصص.
إذا هبَّت رِياحُك فاغتنِمْها
فإنَّ لكل عاصفةٍ سُكون
وبادِر فُرصةً سنَحت وهيَّا
فما تدري المماتُ متى يكون

ومن تذكرَ حلاوةَ العاقبة، نسيَ مرارةَ الصبر، ومن عرَفَ شرفَ ما يطلب هانَ عليهِ ما يبذل.

وَهَا نَحنُ نَتهيَّأُ لِدُخولِ العَشرِ الأواخِرِ من رمضان، ها نحنُ نَستعِدُّ لاغتنام أفضلِ لَيالي العام، مِسكُ الخِتامِ، ودُرَّةُ الليالي والأيَّامِ، لياليَ مُبارَكَاتٍ نيِّرَات، كَانَ المصطفى صلى الله عليه وسلم يَحسِبُ لها حِسَابًا كَبِيرًا، ويَجتهِدُ فِيهَا اجتِهَادًا عظيمًا، حَتَّى لَقَد كَانَ يُحيِي اللَّيلَ كُلَّهُ، وَيَعتَكِفُ في مَسجِدِهِ طوالَ وقتهِ، يَتَفَرَّغَ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ، ففي صحيح مُسلم عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجتَهِدُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهَا، وفي الصحيحين أنّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إِذَا دَخلَ العشرُ شدَّ مِئزَرهُ، وَأَحيَا لَيلَهُ، وَأيقَظَ أَهلَهُ، فَطُوبَى لِعَبدٍ وفَّقه الله فشمَّرَ عن ساعد الجِد، وقامَ مع القائمين: ﴿ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64]، والذين: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا ﴾، والذين: ﴿ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون:61].

إنَّها يا عباد الله أيام وليالٍ معدودات، وأوقات فاضلة مباركات، موسمٌ لا يُقدَّرُ بثمنٍ، والعاقلُ من يُدركُ قيمةَ الموسم، وأنهُ فرصةٌ سَرعان ما تمضي، وأنَّها إذا فاتت فلا يُمكن تَعويضُها أبدًا، ومن يتأمَّلُ حالَ التُّجارِ في المواسم فسيتعلَّم منهم درسًا بليغًا، فهم يعرفون جيدًا كيف يربحون، ألا ترى الواحد منهم يأتي بأنواعٍ جديدة من البضاعةِ لم يكن يأتي بها في الأيام العادية، لعلمه أنها مرغوبةٌ في أيام الموسم، وتراهُ يوفرُ الأصناف بكمياتٍ أكبر مما كان يُوفره في الأيام العادية؛ لأنه يعلمُ شِدةَ الإقبالِ عليها في الموسم، وتراهُ أيضًا يُضاعِفُ أوقات عمله مرتين أو ثلاثًا، بل ربما واصلَ البقاءَ في المحل ليلًا ونهارًا حتى ينتهي الموسم، وعلى قدر اجتهادهِ في كل ذلك، ينجحُ في تجارته، وتتضاعفُ أرباحه ومكاسبه..

ألا وإن أعظمَ مواسِم المؤمنِ هو هذا الشهر المبارك، وأعظَمُ ما فيه عشرهُ الأخيرة، وبضاعةُ المؤمنِ إنما هي أعمالهُ الصالحة، وما يُقدمهُ من طاعاتٍ وقُربات، وقراءةٍ وصلوات، ودُعاءٍ وصدقات، وكلما كان الإنسانُ موفقًا في إدارة وقته، جادًّا في حُسن استثمارهِ وعمارته - تضاعفَت أرباحه، وازدادَت مكاسبه، وعلى قدرِ نيةِ العبدِ وهِمَّته، يكونُ توفيقُ اللهِ لهُ وإعانتهُ، وللإمام ابنُ قُدامة المقدسي وصِيَّةٌ بليغة، جاء فيها: "فاغْتنمْ يا رعاك الله فرصةَ الحياة، واعْلمْ أنَّ مُدَّتك فيها مُدَّةً محدودة، وأنَّ أنفاسَك فيها أنفاسًا معدودة، وأن كلُّ نَفَسٍ منها جوهرةٌ غاليةٌ لا تُقدرُ بثمن، فهي تعدِلُ خلودَ الأبدِ، وخلودَ الأبدِ يعدِلُ أكثرَ من مليار مليار عام، بل وأكثر من ذلك بكثير، فلا تضيِّعْ جواهرَ عُمرِك الغاليةِ بغيرِ عملٍ، ولا تُذهبها بغير عِوضٍ، واجتهدْ ألا يذهبَ نَفَسٌ من أنفاسِك إلا في عملٍ وطاعة، تتقرَّبُ بها إلى مولاك، وتخيَّل لو كان معك جوهرةٌ من أغلى جواهرِ الدنيا ثم ضاعت، ألا يسوؤك ذلك، فكيف لا يسوؤك ذهابُ الأوقاتِ بغير عِوضٍ، وهي أغلى من الجواهر بكثير، وصدق من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ).. فحري بالمسلم الموفق أن يبادر الفرص السانحة، وأن يُحسنَ الاستفادة من الأزمان الفاضلة، والمواسم المباركة، فيخصَّها بمزيدٍ من الاجتهاد في العبادة، فمن مِنَّا نوَّع بضاعته، ومن مِنَّا أكثرَ من الأصنافِ القيِّمة التي يحبها ربه، ومن منا زادَ في وقت العمل ليزداد ربحهُ وتعظُمَ تجارتهُ ومكاسبه، فالله جلَّ وعلا يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور ﴾ [فاطر: 29، 30].

وتأمّل معي هذا التوجيه النبويَّ العجيب، ففي حديثٍ صحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: "إنْ قامَتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكُم فَسيلةً، فإنِ استَطاعَ ألا تَقومَ حتَّى يغرِسَها فلْيغرِسْها"، والمعنى: إذا تيسرت لك فرصةُ خيرٍ، فبادر وإياك أن تُفرط فيها، وشاعرُ الحكمة يقول:
وعاجزُ الرأيِ مِضياعٌ لفرصته
حتى إذا فاتهُ خيرٌ أظهرَ الأسفَ



والمتنبي يقول:
ولم أرَ في عيوب الناسِ عيبًا
كعجز القادرينَ على التمامِ



فإياكَ والعجزِ والتسويف، فإنه أكبرُ جنودِ إبليس، ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56].

فهَيَّا يَا عِبَادَ اللهِ، فمَن كَانَ مُحسِنًا فليزداد، وَمَن كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلْيُبادر بالأَوبَةَ والتعويض؛ فإِنَّمَا الأَعمَالُ بِالخَوَاتِيمِ، وَالتَّوبَةُ تَجُبُّ مَا قَبلَهَا، وَالرَّبُّ غَفُورٌ شَكُورٌ، وَلَيسِ لِفَضلهِ حُدُودٌ، خزائنهُ ملئا، ويدهُ سحاء، ولا يتعاظمهُ عطاء، ينفقُ سبحانهُ كيف يشاء..

وجدوا يا عباد الله واجتهدوا، وَاستَعِينُوا بِاللهِ ولا تعجِزوا، واصبروا وصابروا ورابطوا واصطبروا، وادعوا ربكم بصدق وأَلِحُّوا، وأبشروا وأمَّلِوا، فرَّبُّكم كَرِيمٌ جِدُّ كريم، وَفَضلَه عَظِيمٌ جِدُّ عظيم، وَمَن جَاهَدَ وَصبرَ وَصَدَقَ، أُعِينَ وهُدِيَ وَوُفِّقَ: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].. ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].









رد مع اقتباس